كتب جيسون بورك أن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل أصدرت تحليلاً قانونياً من 72 صفحة يعد الأقوى حتى الآن من جهة أممية بخصوص غزة، حيث اتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، مؤكداً أن حملتها العسكرية جرت "بنية تدمير جماعي، كلياً أو جزئياً، لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".

وأوضح موقع الجارديان أن اللجنة، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان قبل أربع سنوات ويقودها ثلاثة خبراء مستقلين، لا تتحدث رسمياً باسم الأمم المتحدة، التي لم تستخدم بعد مصطلح "إبادة جماعية" لكنها تواجه ضغوطاً متزايدة للقيام بذلك. مندوب إسرائيل في جنيف، دانيال ميرون، وصف التقرير بأنه "فاضح وزائف" واتهم معدّيه بأنهم "وكلاء لحماس".

رفضت إسرائيل الاتهام مؤكدة حقها في الدفاع عن النفس بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 الذي قتل 1200 شخص وأدى إلى خطف 251، بينما أدى ردها العسكري إلى مقتل أكثر من 64 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 160 ألفاً، غالبيتهم مدنيون.

بحسب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، يلزم تحقق واحد من خمسة أفعال لاعتبار جريمة إبادة. اللجنة اتهمت إسرائيل بأربعة منها، مستندة إلى شهادات ضحايا وأطباء، صور أقمار صناعية، وثائق مفتوحة المصدر، وتقارير إعلامية ومنظمات حقوقية.

في الفئة الأولى: القتل، نقل التقرير أن 46% من الضحايا في غزة نساء وأطفال حتى منتصف يوليو 2025، واستشهد بتحقيق للجارديان يؤكد أن 83% من القتلى مدنيون. قصفت إسرائيل مناطق مكتظة مستخدمة ذخائر غير موجهة، واستهدفت مدنيين في منازلهم ومستشفياتهم وملاجئهم وحتى "المناطق الآمنة"، وقتلت صحفيين وأطباء ومسعفين. أشار التقرير إلى حادثة مقتل خمسة أطفال في يناير 2024 حين قصفت سيارتهم، ومنع إسعافهم عبر إطلاق النار على سيارة إسعاف. كما أبرز مقتل 15 مسعفاً في مارس. خلصت اللجنة إلى أن إسرائيل واصلت استخدام الأساليب نفسها رغم معرفتها المسبقة بحجم الضحايا.

في الفئة الثانية: إحداث أذى جسدي أو نفسي جسيم، أشار التقرير إلى سوء معاملة معتقلين فلسطينيين والنزوح الجماعي الذي ألحق أضراراً بدنية ونفسية لا تُمحى.

في الفئة الثالثة: فرض ظروف معيشية تؤدي إلى التدمير الجزئي أو الكلي، بيّن أن غزة أصبحت غير صالحة للعيش تقريباً، مع تدمير واسع للمخابز والمدارس والمعالم الثقافية والدينية، وانهيار المنظومة الصحية جراء ضرب المستشفيات. كما سجلت جهات أممية إعلان المجاعة في أجزاء من القطاع. وخلصت اللجنة إلى أن السلطات الإسرائيلية كانت تدرك النتائج المدمرة لكنها مضت عمداً في فرض حصار شامل وتدمير البنية التحتية.

في الفئة الرابعة: فرض تدابير لمنع الولادات، ركّز التقرير على استهداف الأطفال وعلى قصف عيادة "البسمة" للخصوبة في ديسمبر 2023، حيث دُمّر نحو 4,000 جنين و1,000 عينة من الحيوانات المنوية والبويضات. واعتبر أن الاستهداف كان مقصوداً ويكشف سعياً لتدمير الاستمرارية البيولوجية للفلسطينيين.

يعرف القانون الدولي إثبات "النية" كأصعب عناصر الإبادة. رأت اللجنة أن تصريحات بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين تشكل "أدلة مباشرة على نية الإبادة". استشهدت برسالة نتنياهو للجنود في نوفمبر 2023 التي شبّه فيها الحرب على غزة بـ"حرب مقدسة للإفناء الكلي" كما ورد في نصوص عبرية دينية. التقرير أشار أيضاً إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

نافاني بيلاي، القاضية الجنوب إفريقية السابقة ورئيسة اللجنة، قالت إن التصريحات الإسرائيلية والأفعال الممنهجة تقدم "دليلاً مباشراً وظرفياً على نية الإبادة"، مؤكدة أن الاستنتاج المنطقي الوحيد من مجمل الأدلة هو أن السلطات الإسرائيلية قصدت تدمير الفلسطينيين في غزة كلياً أو جزئياً.

https://www.theguardian.com/world/2025/sep/16/un-commission-of-inquiry-report-israel-gaza-legal-analysis-genocide-accusation